حسمت وزارة الاقتصاد والتجارة الجدل الذي أثارته الجمعية الحرفية لصناعة الصابون والمنظفات بحلب من خلال شكواها إلى الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار والمتعلق بالسماح باستيراد زيت المطراف الذي صدر قرار بادخاله في العام 2005 دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ على الرغم من حاجة المصابن إليه وما سببه الوضع القائم من احتكار للمادة وتحكم بأسعارها.
حاجة غير محددة
وقد
جاء هذا الحسم بعد دراسة هيئة المنافسة للموضوع وذلك وفقاً لما صرح به لـ /
البعث/ الدكتور أنور علي مدير عام الهيئة الذي أشار إلى أن كميات هذا
الزيت الناتج عن تفل الزيتون أو ما يسمى بالبيرين المتاحة في القطر تصل إلى
30-35 ألف طن سنوياً وأن عدد المعامل المنتجة له تصل إلى 30 معملاً وأن
أرقام الحاجة إليه متباينة وتقدرها الجمعية الحرفية لصناعة الصابون في حلب
بـ 120 ألف طن سنوياً وهي الأرقام التي يرى فيها مكتب الزيتون في وزارة
الزراعة مبالغة كبيرة يفرزها عدم وضوح الحاجة الفعلية للمصابن من تلك
المادة لاسيما أن كتاباً صادراً عن وزارة الصناعة وموجهاً إلى وزارة
الاقتصاد والتجارة يقدر الحاجة استناداً للطاقة الإنتاجية السنوية لصابون
الغار بـ 67313.5 طناً في السنة. مع الإشارة هنا إلى أن عدد المصابن
العاملة في صناعة صابون الغار وبحسب كتاب غرفة تجارة حلب رقم 199 لعام 2011
المرفوع إلى رئاسة الوزراء يصل إلى 200 مصبنة يعمل فيها أكثر من 20 ألف
عامل.
لا يكفي
وقال
علي بأن ما قدمه من أرقام يبيّن بأن الإنتاج لا يلبي حاجة مصنعي صابون
الغار لا سيما إذا علمنا أن زيت المطراف مادة أولية أساسية لاغنى ولا بديل
عنها في صناعة صابون الغار لاسيما وأن المواصفة القياسية السورية رقم 377
/1998 قد نصت على أن يحتوي صابون الغار بكافة أصنافه / أول - ثاني وثالث/
على نسبة 50 ٪ من زيت المطراف كحد أدنى مبيناً أن عدم توافر المادة بالكمية
المطلوبة سيؤدي إلى انخفاض إنتاج صابون الغار وعدم عمل المصابن بكامل
طاقتها أو حتى توقفها عن العمل إلا في حال اللجوء إلى الغش من خلال استخدام
الدهون والشحوم وزيت القلي الناتج عن مخلفات المطاعم ومحلات اللحامة وهو
ما يسيء إلى هذه الصنعة وسمعتها محلياً وخارجياً باعتبارها منتجاً تراثياً
مرتبطاً بحلب.
تحقيقاً للتوازن
وبين
مدير عام الهيئة أن ضرورة وحاجة ملحة موجودة لتحقيق التوازن بين العرض
والطلب في المادة عن طريق الاستيراد ولو أنه قدم رأياً آخر مختلفاً عن ذلك
المقدم من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي حول هذا الاستيراد ولاسيما لجهة
عدم وضوح الحاجة الفعلية للمادة والذي قال علي أنه لا يبرر وقف الاستيراد
لاسيما وأن الاستيراد لا يمكن أن يتم لمادة لا تسويق لها و أن العرض والطلب
وبالتالي السعر هو الذي يحدد في النهاية الحاجة وأن انخفاض سعر المطراف
سيؤدي إلى انخفاض سعر الصابون وهو الأمر الذي سينتج عنه زيادة في البيع
الداخلي والخارجي.
التعطيل ممكن
أما
في الرد على التخوف من استخدام المادة لغير الغاية التي استوردت لأجلها
وإمكانية استعمالها لأغراض غذائية فقال علي إنه لا يبرر وقف الاستيراد لأن
هذا التخوف قائم حتى في المنتج من المادة محلياً وأن حل هذه الإشكالية يمكن
أن يتم من خلال اللجوء إلى ما يسمى بتعطيل الزيت المستورد من خلال إضافة
مادة مصبنة له أو أحد العطور أو أي طريقة أخرى تجعل الزيت غير قابل
للاستخدامات الأخرى إلا صناعة الصابون.
الطلب مستمر
أما
بخصوص التخوف من الأضرار الناجمة من الاستيراد على صناعة البيرين وعلى
أصحاب معاصر الزيتون والفلاحين فقال علي بأن الاستيراد سيؤدي إلى الضغط على
أسعار الزيت محلياً لتصبح قريبة من الأسعار الخارجية معتبراً هذا التخوف
فيه الكثير من المغالاة باعتبار أن الطلب المتنامي على البيرين لا يعود
لزيادة الحاجة من زيت المطراف فقط بل بسبب الارتفاع الكبير في سعر الناتج
النهائي بعد استخراج الزيت منه الذي يستعمل للحرق والتدفئة محلياً أو
بتصديره إلى تركيا بسبب ارتفاع سعر المازوت فيها وهو الأمر الذي يعني أن
الاستيراد لن يوقف الطلب على البيرين ولن يسيء لمعامله أو لمعاصر الزيتون
أو الفلاحين.
قيمة مضافة
واعتبر
مدير عام الهيئة أن استيراد وتصنيع البيرين يحقق قيمة مضافة على الصناعة
مشيراً إلى وجود ضرورة لاستمرار تشجيع هذه القضية مؤكداً كذلك أن تصنيع
الصابون من هذا الزيت يحقق قيمة مضافة أيضاً مبيناً بالتالي وجود استفادة
من القيمة المضافة للمادتين معاً /زيت المطراف والبيرين/ من خلال صناعة
صابون الغار في حال السماح باستيراده بشكل تكون الاستفادة من الموضوع ليست
محصورة بمعامل البيرين وإنما شاملة لكافة الأطراف المرتبطة بهذه المادة لا
سيما وأن معامل البيرين لن تخسر سوى الفارق السعري بين سعر زيت المطراف
محلياً وخارجياً وأن معامل الصابون سيتوفر لها زيت المطراف وفقاً لحاجتها
الفعلية وبسعر أقل وهو ما ينتج عنه انخفاض في سعر صابون الغار وذلك نتيجة
زيادة العرض الناجمة عن التصنيع وانخفاض سعر المطراف مؤكداً أن هذا
الأمرسينعكس إيجاباً على صعيد زيادة المبيعات داخلياً وخارجياً ناهيك عن
انعكاسه على صعيد توفير الصابون للمستهلك بسعر أخفض معتبراً استمرار منع
الاستيراد لأسباب غير مقنعة دعماً مبالغاً فيه لأصحاب معامل البيرين
القليلي العدد ناهيك عن كونه إجحافاً لصناعة صابون الغار والمصنعين الكثر
لها و المتعاملين لها والمستهلكين ناهيك عن كون هذا المنع لايتماشى مع
قانون المنافسة ومنع الاحتكار رقم 7 لعام 2008 في المادة /5-أ/ منه التي
تحظر وتبطل الممارسات التي تشكل إخلالاً بالمنافسة أو الحد منها أو منعها
علماً بأن منع الاستيراد لا يخضع للاستثناءات المحددة في المادة الثالثة
ثابتاً من القانون.
لا بدّ من الاستيراد
وقال
علي بأن ما قدمه من أسباب وما اقترحته وزارة الصناعة بكتابها رقم 541 لعام
2011 بالسماح لمصنعي الصابون باستيراد مادة المطراف كونها مادة أولية تدخل
في صناعة الصابون / صابون الغار/ ضمن شروط وضوابط تضعها كافة الجهات ذات
العلاقة كتعطيل الزيت كي لا يصلح إلا للاستخدام الصناعي، يستوجب السماح
باستيراد زيت المطراف المعطل دون تحديد الكميات أو حصرها بالحاجة المقدرة
بـ 67313.5 طناً سنوياً طالما أن المستورد سيكون معطلاً وذلك لتأمين حاجة
السوق وتوازنها، وضمان المنافسة العادلة فيها دون أي عقبات وتخفيف مصالح
جميع الأطراف / منتجون ومصنعون ومستهلكون/ وجعل الممارسات والإجراءات
المطبقة متماشية مع قانون المنافسة ومنع الاحتكار رقم 7 لعام 2008.
الاقتصاد استجابت
وأشار
علي إلى صدور قرار بالسماح بالاستيراد معتبراً معالجة الهيئة للموضوع تتمة
لعملها الخاص بمكافحة المخالفات الواقعة لقانون المنافسة ومنع الاحتكار
منوّهاً بالتنسيق والتعاون الذي تم مع وزارة الاقتصاد والتجارة لمعالجة
موضوع زيت المطراف.
نعمان أصلان
nmnaslan@yahoo.com